محتوي المقال ( إضغط علي العنصر للتنقل )
ما هو المريض النفسي؟
يُعرف المريض نفسياً على أنه الشخص الذي يُعاني من فقدان السيطرة على مشاعره وإدراكه، نتيجة اضطراب عقلي يرتبط بتصوّرات مُكتسبة تُغيّر آلية عمل المخ عند التعرّض للمحفزات، مما يؤثر على صحته النفسية، وتشمل سمات المريض النفسي عدم استقرار المزاج، مشاكل على مستوى الإدراك، الضيق الروحي، سلوكيات غير سوّية، لذلك نجد الشخص المَصاب بالمرض النفسي يعاني من مشاكل على مستوى الأداء والتواصل الصحي مع الآخرين ما يعرضه للعديد من الأزمات على المستوى الشخصي والجماعي.. ويرتبط نجاح العلاج النفسي بمدى وعي المريض بحالته النفسية.
هل المريض النفسي يَعرف أنه مريض؟
الشخص الذي يُعاني من مشاكل في الصحة النفسية يعرف أن هُناك خللاً ما في شخصيته، ولكنه قد يجد المُبررات التي تُجعل تصرفاته مُقنعه بالنسبة إليه، وبالتالي هُناك مريض نفسي يعرف أنه يعاني من اضطراب ما، بينما هُناك مستويات أخرى من المرض النفسي تجعل المريض لا يعرف أنه مريض، أو بالأحرى يرفض فكرة وصفه بذلك ولا يُبدي أي مشاعر ندم على تصرفاته أو تعاطف مع الأشخاص الذي يُسيء إليهم، بالتالي معرفة المريض النفسي بمرضه مسأله نسبية تخضع للمرض الذي يُعاني منه وشدته.
وعلى هذا الأساس هُناك مرضى يتقبلون الخضوع للعلاج وهؤلاء مصابون بمرض نفسي، وهُنك آخرون لا يعترفون باضطرابهم وهؤلاء يُشار إليهم بالمختلين عقلياً.
المريض النفسي هل هو مجنون؟
يوصم المجتمع المريض النفسي بأنه مجنون، وفي الحقيقة تشخيص أحدهم بالمريض نفسياً لا يُقصد به أنه مجنون، أو فقد عقله أو أصيب بالخرف التام، لكن ذلك يدُل أن هُناك أسباب بيولوجية على مستوى المخ وكيمياء الجسم أدّت إلى فقدانه التحكم في أفكاره وعواطفه مما أدي إلى وجود اضطراب نفسي يُسبب له الضيق والألم الروحي، ويحتاج إلى وجود مختص لمعالجته ومساعدته على استرداد قدرته على التحكم والتنظيم الذاتي.
وترتبط تلك الحالة بالعديد من الأمراض النفسية الشائعة كالهلع، الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة، الكآبة، الاضطراب الوجداني وغيرها، وعلى هذا الأساس هُناك عدة أعراض يُمكن أن نمُيز من خلالها المريض النفسي كما سنعرف لاحقاً.
لا تترد في التحدث معنا وطلب استشارة مجانية بالنسبة للمريض :- سيقوم بالرد عليك متخصص وسيتعرف علي حالتك ومن ثم يقدم لك الحلول والخطط العلاجية المناسبة لحالتك بسرية وخصوصية تامة. بالنسبة للاسرة :- سيقوم بالرد عليك متخصص وسيتعرف علي حالة الابن ومن ثم يقدم للاسرة الدعم الكامل والارشادات اللازمة ويوضح لكم خطوات العلاج وطريقة احضاره للمركز وكيف تتعامل معه الاسرة مع ضمان السرية والخصوصية التامة.
كيف تعرف المريض نفسياً من خلال الأعراض ؟
دائماً ما يُكون الجدل دائماً محور سلوكيات المريض نفسياً، نتيجة مُعاناته من اضطرابات داخلية على طول الخط، لذا من خلال الأعراض الغير سوية، وطريقة تعامله المُضطربة، وتصوراته الغير واقعية، وحركاته الغير مُبررة، وعلامات المرض النفسي، يُمكنك معرفة المريض نفسياً، وفيما يلي ذكر لتلك الأعراض.
ما هي أعراض المريض النفسي؟ 16 علامة تكشف المريض نفسيًا
هُناك 16 عرضاَ من أعراض المريض نفسياً الأكثر شيوعاً، يُمكن من خلالها أن نتأكد أنه يُعاني من مرضاً نفسياً ما، مما يستدعي استشارة طبيب نفسه لتشخيصه ووضع خطة علاجية على المدى القريب والبعيد من أجل السيطرة على تلك الأعراض وبدء التأهيل السلوكي، وفيما يلي نذكر تلك الأعراض:
كُل تلك الأعراض بالطبع تُغير من سلوكيات المُريض نفسياً، وتجعله يتسم بسمات ثابتة طالما هو يُعاني من المرض النفسي، ليظهر كُل ذلك جلياً على تصرفاته.
المريض النفسي ما بين التصرفات، السمات والصفات
غالباً ما يُركّز الطب النفسي أولاً على سمات المريض الظاهرة حتى يُحدد صفاته العميقة من خلال مراقبة تصرفاته، لذا يجب علينا أولاً رصد تصرفات المريض النفسي، ومعرفة سماته، لنصل إلى التحديد الدقيق لصفات المريض النفسي، وفيما يلي عرض لتلك المستويات الثلاث المتعلقة بالمرض النفسي وأثره على المريض.
تصرفات المريض النفسي الأكثر شيوعاً
وتعتبر حركات جسد المريض النفسي كُلها بلا هدف ظاهري ومُتكرر بشكل كبير.
هل المريض النفسي مسؤول عن تصرفاته؟
من الناحية القانونية المريض النفسي الذي يُعاني من مرض مُتفاقم يُفقده الخصائص العقلية المُتعلقة بالوعي والإدراك والحكم والتحكم فإنه غير مسؤول عن تصرفاته أمام القانون ولا توّقع عليه أحكام قضائية نتيجة أفعاله.
بينما المريض النفسي الذي لم يصل إلى تلك الدرجة من انعدام الوعي ويستطيع استيعاب نتائج أفعاله وتمييز المواقف والحكم عليها وإدراك عواقبها هو مسؤول عن تصرفاته وتُطبق عليه العقوبات والقوانين، ولكن تأخذ المحكمة في الاعتبار مدى تأثير المرض النفسي عليه بعد العرض على الطب الشرعي، حينها قد يُقبل التماس مُراعاة حالته النفسية ويُخفف القاضي الحكم أو العقوبة المفروضة عليه.
من تلك التصرفات المذكورة أعلاه يُمكننا تحديد سمات المريض النفسي الظاهرة وصفاته الخفية كما سنعرف فيما يلي.
ما هي سمات المريض النفسي.. 5 سمات ظاهرة
سمات المريض النفسي الظاهرة تُخبر الجميع أن هُناك اضطراب ما يُعاني منه الشخص، وأن الأمر خارج عن الطبيعي، قد يعزي البعض تلك السمات إلى النشأة أو الصفات المتوارثة في أول الأمر، ولكنها في عُرف الطب النفسي سمات مرضيّة تستوجب العلاج، وقد تتضمن سمات المريض النفسي الآتي:
تلك هي السمات الظاهرة، فما هي صفات المريض النفسي الغير ظاهرة والتي تحتاج إلى مُتخصص لتحديدها؟
ما هي صفات الشخص المريض نفسياً؟
يحمل المريض نفسياً الكثير من الصفات التي يمكن استنباطها من تصرفاته، وتشمل تلك الصفات ما يلي:
وغيرها من الصفات التي قد تتغيّر من تغير المرض النفسي الذي يُعاني منه، وأكثر ما يجعل أفراد الأسرة في خطر هو أن يكون المريض النفسي عدوانياً.. فما هو المريض النفسي العدواني، وما الذي يدفعه للعُنف.. وهل يُمكن احتواء الحالة؟.. هذا محور حديثنا التالي.
المريض النفسي العدواني.. من أين يأتي العُنف؟
أعراض بعض الأمراض النفسية قد تصل بالمريض إلى حد سيطرة السلوكيات العدوانية عليه مما يدفعه لاستخدام العنف، قد يكون ذلك من خلال محاولة إيذاء الآخرين.
وحقيقة الأمر أن العدوانية قد تظهر في أكثر من ملمح غير الاعتداء الجسدي حيث يُمارس المريض النفسي العدواني العديد من مظاهر العدوانية مثل إيذاء مشاعر الآخرين لفظياً عند طريق السخرية ومحاولة إثارة استيائهم والتلذذ بذلك، الصراخ والهستيريا، تحطيم الأثاث والممتلكات، النوبات العصبية والسُباب، وغيرها من المظاهر التي تدل على العدوانية، وتشمل الأمراض النفسية التي تُظهر سلوك عدواني اضطرابات ما بعد الصدمة، الفصام والذهان، الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، التوّحد، فهل كُل مريض نفسياً بتلك الأمراض يتجه إلى العُنف؟.
يؤكد الأطباء أنه ليس كُل مريض نفسي يُظهر سلوك عدواني، إذ هُناك حالات مُعنية تتجه إلى العنف وتشمل:
إذاً المريض النفسي العدواني هو المريض الذي لم يتلقَ علاجاً صحيحاً ما يؤدي إلى تفاقم الأعراض ووصولها إلى حد الإيذاء، وعلينا أن نعرف أن العُنف الذي يُمارسه المريض لا يقصد به تعمد الإيذاء مُباشرة ولكنه ناتج عن مجموعة من المشاعر تكالبت عليه ولا يستطيع السيطرة عليها نذكرها فيما يلي.
من أين يأتي العُنف لدى المريض النفسي؟
يُدفع المريض النفسي إلى استخدام العُنف بسبب الألم العاطفي والتشوّش الفكري الذي يُعاني منه، ذلك الألم العاطفي وطغيان المشاعر السلبية الذي يُفقده السيطرة يرجع إلى:
مما سبق يُمكن أن نقول أن انعدام الشعور بالأمان، والغضب الدفين من النفس والمجتمع نتيجة عدة عوامل خارجة عن إرادة المريض هي التي تدفعه لممارسة العُنف كنوع من أنواع الدفاع عن النفس أو تعويض نُقص ما بداخله، وهُنا نؤكد أنه طالما المريض النفسي يتلقى العلاج اللازم تحت إشراف أطباء اكفّاء وبدعم من الأسرة سيتم السيطرة على السلوك العدواني الذي قد يظهر على المريض نفسياً.
هل المريض النفسي يؤذي نفسه؟
المريض النفسي يصل إلى مرحلة إيذاء النفسي في كثير من الأحيان نتيجة جلد الذات، أو إحساسه بالضيق الروحي بسبب عدم تمكنه من التأقلم مع أنماط الحياة وشعوره باحتقار الآخرين له، وتظهر سلوكيات إيذاء النفس لدى المصابين بالاكتئاب، القلق، نوبات الهلع، بينما قد يتجه المريض النفس إلى إيذاء نفسه بسبب معاناته من الهلاوس والأوهام مثل مرضى الفصام والذهان، وقد يصل الأمر إلى الإيذاء النفسي بسبب التلذذ بالألم والشعور براحة عند تجربة الألم الجسدي، وتلك المشاعر تظهر لدى السيكوباتيين أو المختلين عقلياً، وتشمل مظاهر إيذاء النفس لدى المريض النفسي ما يلي:
وعلينا التأكد أنه يُمكن السيطرة على تلك الأعراض بواسطة العلاج الدوائي والنفسي، لكن إلى أي مدى يصل العدوان عن المريض النفسي؟.
هل المريض النفسي يقتل؟
المريض النفسي في الأساس ليه لديه أي نوايا للإيذاء أو القتل، ولكن عند الشعور المتفاقم بالخوف والخطر نتيجة وجود محفزات للانفعال الشعوري المُتدفق الذي لا يستطيع السيطرة عليه قد يصل الأمر إلى أن يقتل المريض النفسي.
فالشعور بالدونية و طغيان النظرة السلبية ناهيك عن الهلاوس والفهم الخاطئ للمواقف كلها عوامل تجعل الغضب أو الاندفاع يسيطرا على المريض لدرجة نوبات الغضب الشديد ورؤية المحيطين عوامل خطر مما يدفعه إلى إيذائهم بشدة أو قتلهم.
من جانب آخر الخلل العقلي أو الشخص المُعادي للمُجتمع قد يكون لديه دوافع إجرامية أكثر من المريض النفسي، حيث الكراهية وانعدام التعاطف والبحث عن الإثارة بأي ثمن.
الطب النفسي دائماً ما يوجه إلى محاولة دعم المريض النفسي عندما يدخل في حالة هياج أو نوبة عصبية أو إظهار الغضب، أما في حالة تشكيل خطر مُباشر على النفس أو على الآخرين هُنا أنت في حالة طوارئ ويجب الإبلاغ عن الحالة، فكيف تُهدئ المريض النفسي.. وكيف تُبلغ عنه في الحالات الطارئة؟.. تابع القراءة لتعرف ما يجب القيام به.
كيف أهدئ المريض النفسي؟
يقول المتخصصون إن تهدئة المريض النفسي تحتاج إلى معرفة المرض وأعراضه قبلاً، حيث يُمكن حينها توقع ردة فعل المريض خلال التعامل معه تبعاً لأبعاد المرض الذي يُعاني منه، لأنك حينها عملاً بنصائح الطبيب الذي قام بالتشخيص تكون عالماً بشعور المريض وما يدور في رأسه أفكار، وكيفية رؤيته للواقع واستقبال محاولاتك للتهدئة، فالدخول في نوبات عصبية قد يكون محتاج الدعم، أو الإحساس بالإمان، أو الاستعانة بالأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المختص.
لكن في حالة عدم تشخيص المريض، هُناك عدة إجراءات يُمكن تطبيقها من أجل احتواء حالة المريض النفسي وتهدئته، والخروج من نوباته العصبية والانفعالية، إلا أننا ننصح بالتشخيص أولاً قبل التعامل مع المريض، وهُناك 13 خطوة بسيطة يُمكنك من خلالها تهدئة المريض النفسي والتعامل معه وتشمل تلك النصائح الآتي:
كيف يتم الإبلاغ عن المريض النفسي؟
هُناك شروط من أجل إدخال المريض النفسي المصحة بشكل إلزامي، أهمها تشكيل خطر على نفسه والآخرين، وتلك الحالة تُعتبر قانونياً حالة طارئة، حينها يُمكن الاستعانة برقم تبليغ عن مريض نفسها كالخطوط الساخنة التي تُخصصها وزارة الصحة وهي 0220816831 في حالة الاتصال بمن أي محمول، أو من خلال الخط الأرضي فيُمكن التبليغ عن حالة مريض نفسي طارئة عبر رقم 08008880700.
حينها سيتم حجز المريض لمُدة لا تزيد عن 72 ساعة حتى يهدأ، أو لمدة 144 ساعة في حين إصدار حُكم قضائي بالعلاج القسري، إذ لا يُمكن إجبار المريض على التواجد في مصحة أو استكمال العلاج قسرياً إلا من خلال القضاء.
قد يكون من الصعب أن تضطر الأسرة إلى الإبلاغ عن مريض نفسي، لكن قد تكون معاناتهم أكبر منهم، حيث رؤيتهم لمعاناة المريض النفسي، وأثر اضطرابه على كُل من حوله.. وفيما يلي نظرة عن معاناة المريض نفسياً.. كيف يعيش، ومعاناة الأهل معه.
معاناة المريض النفسي
المريض النفسي يعيش دائرة مُغلقة من المُعاناة مصحوبة بألم عاطفي شديد العُمق، لأنه يعلم أن به خللاً ما، لكنه لا يستطيع إصلاحه أو التعامُل الصحيح من خلاله مع المواقف الحياتية، كما يُعاني المضطرب نفسياً من عدم تفهّم الناس لما يمر به من اضطرابات داخلية لأن الأعراض التي يُعاني منها المريض النفسي خارجة عن إرادته فهو يُعاني من الوحدة الشديدة والانغلاق على الذات لأنه غير مستوعب ما يَمر به وما سبب حالته النفسية المُتقلبة، يشمله الغضب وجلد الذات وكره النفس.
كما تشمل معاناة المريض النفسي نظرة المجتمع إليه ومعاملته على أنه مختل أو مجنون، لتزيد أعراض المرض النفسي وتتضاعف، ويميل إلى الانطواء والانعزال، أو العدوانية والعنف بسبب شعوره الدائم بالخطر والخوف والهلاوس التي تُسيطر عليه، حيث يصل به الأمر إلى سيطرة الأفكار السلبية عليه والتفكير في الانتحار، لذا يُمكن اختصار مُعاناة المريض النفسي كما التالي:
تكمن مُعاناة المريض النفسي مع المُجتمع في نظرتهم الخاطئة إلى مرضه، الأمر الذي يسلبه رغبته في محاولة التعايش الصحي بينهم، فرفض المجتمع للمريض النفسي يجعله يزيد من معاناته، لنجده ينأى بنفسه ويواجه اضطراباته وحيداً في صمت وكبت وألم، في حين أن المرض النفسي لا يختلف عن الأمراض الجسدية المزمنة مثل أمراض القلب أو السكري، حيث تحتاج تلك الأمراض إلى احتواء الحالة ودعمها حتى يتعايش المريض مع وجود المرض وتقبل العلاج حتى إن لم يصل إلى مرحلة التخلص النهائي من المرض.
هكذا يجب أن يكون الحال مع المريض النفسي، حتى يتخلص من المعاناة ويبدأ في التحسن، يجب أن يقبل المجتمع فكرة أن المرض النفسي قد لا يتم شفاءه ولكن يُمكن السيطرة على أعراضه بواسطة العلاج، الاحتواء، التقبّل، الدعم والتشجيع.
دائرة شديدة الألم، المُتجمع لا يتقبل المريض النفسي، والمريض لا يعترف بالمرض النفسي، لذا يُمكن أن نُقسم كيف يعيش المريض النفسي إلى قسمين.. في حالة عدم الخضوع للعلاج المهني، وكيف يتعايش أثناء تطبيق علاج المرض النفسي الصحيح، كما سنعرف فيما يلي.
كيف يعيش المريض النفسي؟
يعيش المريض النفسي في دائرة اضطرابه، ويحاول الخروج منها جاهداً بضغط نفسي مُضاعف، لكن دائماً أعراض المرض النفسي تتحكم فيه، يعيش حالة رفض للذات لينعكس رفضه على واقعه وتخرج الحالة عن السيطرة، هذا في حالة إنكار المرض وعدم تقبل المُساعدة المهنية، أما في حالة الخضوع للعلاج والالتزام به فالمريض النفسي يُمكن أن يعيش مع واقع مرضه ويتعايش معه، فبالعلاج الدوائي المناسب والصحيح يتم تخفيف حدة أعراض المرض النفسي والسيطرة عليها واستعادة اتزان المريض، وبالعلاج النفسي والسلوكي يُدرك المريض بحقيقة مرضه، ويتعرف بمساعدة المُعالج النفسي على أسباب مرضه العميقة ويتفّهم مصابه، ليتقبل طُرق التعديلات السلوكية وتقويم الأفكار تدريجياً، حيث مقاومة الأعراض والتغلب عليها خاصة الأعراض الذهانية، وبالتالي يتمكن من خوض الحياة بصورة طبيعية لا تختلف عن أي شخص آخر.
إذاً المريض النفسي ليس طفرة أو إنسان خارج عن السيطرة، بل هو شخص طبيعي يُمكنه أن يعيش مثلنا جميعاً بصورة طبيعية، طالما هو خاضع للعلاج ومُلتزم بالأدوية الموصى بها من قبل الأطباء، حتى وإن مر بفترة تقلبات مزاجية أو قلق فكل إنسان معرض لذلك، حيث أن المرض النفسي مثله مثل الأمراض المزمنة قد يمر المريض فيها بفترات انتكاسة، ولكنه ما يلبث العودة إلى التعايش السليم عند استشارة الطبيب وتقديم العلاجات المناسبة.
لذا المرض النفسي لا يؤثر في حياة المريض بالشكل الفج الذي يتصوره المجتمع، بل من الممكن أن يكون دافعاً ومحفزاً لمزيد من الإنجاز والنجاح إذا ما تم العلاج بواسطة طبيب نفسي مُتخصص يمتلك خبرة وكفاءة.
من جهة أخرى قد تكون علاقة المريض النفسي بالحُب فرصة مواتية من أجل تخفيف معاناة المُريض النفسي، وقد تكون عاملاً عميقاً يزيد اضطرابه.
يُمكنك التواصل مع أكفأ الأطباء في الطب النفسي في الوطن العربي من خلال الرقم التالي عبر الواتس آب 0221154333341.
المريض النفسي والحُب
عندما نتحدث عن مشاعر المريض النفسي، وخاصة منها العميقة المتصلة بالحُب والتعلّق والامتنان وغيرها، فمن الجيد أن نعرف أن المريض النفسي يتمتّع بتلك المشاعر إذا لم يصل مرضه إلى درجة الخلل العقلي أو السيكوباتية، إذ يستطيع أن يُكن مشاعر الحب للآخرين، ويتفاعل مع الشريك أو أفراد الأسرة والمحيطين به، ونكاد أن نُجزم أن إحاطة المريض النفسي بالحُب والإشباع العاطفي هي أقوى مُساعد في تحسّن حالته، لكن من جهة مريض النفسي قد يكون حُبه مختلفاً، إذ من الممكن أن يُظهر مظاهر حبه في صورة تصرفات اضطرابية مثل:
وغيرها من أنماط المرض النفسي في حالة الحُب، ويجب أن يعرف الشريك أو الأسرة إن تلك المظاهر التي ترتبط بالمريض النفسي في حالة الحُب ليست نابعة من مشاعره حقاً، ولكنها تظهر بسبب اختلاط ما يكنه للآخرين من مشاعر بأعراض المرض النفسي، وما يعانيه من هلاوس واضطرابات، حيث أنه يُحب حقاً ولكنه لا يستطيع ممارسة الفكر والسلوكيات الصحية في أي جانب من حياته، ولكن في حالة تفهم شريك العلاقة لتلك الحالة، وتقديم الدعم الكافي بجانب العلاج، يُمكن أن يوصلا سوياً لمرحلة الحُب الصحي المرتكز على أساس الثقة، الصراحة والمشاركة الإيجابية الفعالة، لذلك علاقة الحُب والمريض النفسي إما أن تكون سبباً في تخفيف معاناته أو تفاقمها.
من جانب آخر لا يُمكن أن نقول أن كُل المضطربين نفسياً يُتمكنون من تبادل المحبة والعلاقات الودودة مع الآخرين، فالأمر كُله يتحكم فيه ة شدة المرض النفسي وهل هو خلل عقلي أم لا، وعلى هذا الأساس يُعرّف الأطباء المتخصصون إن الشخص السيكوباتي المعادي للمُجتمع يتسم بالأنانية، ولا يُمكنه أن يرتبط مع الآخرين بمشاعر عميقة كالحب والقبول وغيرها، ونادراً ما نجدهم يستمرون في علاقة مستقرة ودائمة، حيث أن شعورهم بالآخر مُنعدم، وشعورهم بالنفس عال، وبالتالي يريدون أن يصبحوا محبوبين، وعلي كُل ما يُقدمه المضطرب عقلياً في تلك الحالة ليس من أجل إسعاد إو إرضاء المحبوب، ولكن من أجل إرضاء نفسه أولاً وأخيراً.
هل المريض النفسي يتزوج؟
تعتمد إمكانية زواج المريض النفسي على حسب الدرجة التي وصل إليها من الاستقرار والاتزان، فعلى المستوى العام إذا استطاع المريض التحكم في أعراض المرض بواسطة العلاج المُتخصص على أساس استيعاب حالته النفسية وعُمقها، وإدراك قيمة الزواج وما يتصل به من مسؤوليات ومن أين يأتي الاستقرار بواسطته، هُنا يُمكن للمريض النفسي الزواج، شريطة أن يكون قد وصل إلى مرحلة الحفاظ على تعافيه من أعراض المرض لمُدة طويلة، حينها لا شيء يمنعه من التمتع بحياته بشكل طبيعي والإقدام على خطوة الزواج.
بينما إذا لم يصل المريض النفسي إلى تلك الدرجة من المُعالجة والاستواء النفسي، فالزواج بالنسبة إليه سيكون ضغطاُ مضاعفاً، مما يُعيقه عن تحمل تبعات الزواج التي تتمثل في العلاقات العميقة مع الزوجة والأطفال، والمسؤولية الخارجية خاصة منها المادية، إذ في تلك الحالة قد تتوالى الأزمات والمشاكل، ناهيك عن تفاقم أعراض المرض النفسي في حالة عدم العلاج، أما في حالة الزواج أثناء العلاج، فقد يهدم ذلك النجاحات التي وصل إليها وقد يتعرض للانتكاسة في أقرب فُرصة.
أما من ناحية قدرة المريض النفسي على إقامة العلاقة الجنسية، فيُعتبر شخصاً قادراً على ممارسة الجنس بطبيعية، إذ نادراً ما تُسبب الأمراض النفسية في العجز الجنسي، ولكن من جهة أخرى، قد يواجه المريض مشكلات في حياته الجنسية خاصة في متطلباته، أو حتى رغبته في ممارسة العلاقة بسبب التقلبات المزاجية التي يُعاني منها، لذا الدرجة التي وصل إليها المريض النفسي مع العلاج واستشارة الطبيب هي التي تُحدد مدى قدرته على الزواج، وفائدة تلك الخطوة له.
من واقع ما تم الحديث عنه، فإن معاناة المريض النفسي تتصل به وبالآخرين، فإذا كان المريض النفسي يصل إلى درجات متباينة من المعاناة سواء مع نفسه أو على مستوى المشاعر كالحب، أو على مستوى العلاقات والزواج، فأيضاً أهل المريض النفسي إذ لم يتعلموا كيفية التعامل مع الحالة سيعانون أيما مُعاناة.. وهنا تأتي أهمية المراكز العلاجية المتخصصة كمركز دار الهضبة التي تهتم بتعافي الأسرة والمريض معاً في برامج علاجية مختصة بذلك.
معاناة أهل المريض النفسي
موجات من المعاناة قد يتعرض لها أهل المريض النفسي في حالة عدم معرفة كيفية التعامل مع المريض بالتوجه إلى العلاج المهني، فعند وجود فرد من أفراد الأسرة مُصاب بمرض نفسي مثل القلق أو الهلع أو الأمراض الأكثر شدة مثل الاضطراب ثنائي القُطب، الوسواس القهري، طيف التوّحد وغيرها نجد أن الأسرة من أكبرها لأصغرها تتأثر تأثّراً شديداً، حيث تتضمن معاناة الأسرة الألم العاطفي نتيجة الإشفاق على المريض منه جهة، الإحساس بالذنب ومحاولة فهم الأسباب وما يُصاحبه من جلد ذات وتوجيه اتهامات، لتُدخل الأسرة نفسها في دوامة من الإرهاق الذهني والعاطفي بمجرد اكتشاف أن هُناك مريض نفسياً بينها، وتطوّر المعاناة لتصل إلى درجات عالية من الإرهاق والاضطراب والتفكك.
معاناة أهل المريض النفسي الأوّلية قد تكُمن في الصدمة، والتي تتطوّر فيما بعد إلى إرهاق بالغ بسبب الدخول في تفسيرات فردية وتحليلات لحالة المريض ومرضه ومن أين أتت، حيث يكوّن كُل فرد في الأسرة تصوّر للمرض، ويعامل المريض بكيفية مختلفة ويتخذ كُل فرد حلاً متبايناً قد يُزيد من حالة المريض سوءاً، ناهيك عن توتر العلاقات داخل الأسرة، والمشاعر الغاضبة والآراء السلبية.
بعد تلك المحاولات تتسلل المشاعر السلبية الضاغطة لدى الأسرة لتدخل في دائرة معاناة أكبر حيث زيادة مستويات التوتر والقلق، والإحساس الضاغط بمرارة الخسارة واليأس والإجهاد بسبب جلد الذات والإحساس بالعجز، ناهيك عن وصمة العار التي تُلاحق النفوس في الأسرة، والتأثير على الحياة المهنية والاجتماعية الخارجية، والتأثير السلبي على الأطفال، مما يُنذر بتفكك أسرة المريض النفسي والدخول في صراعات غير متناهية، خاصة أن الأسرة في البداية تصُب تركيزها الكامل على حالة المريض النفسي تاركة أنماط حياته في فوضى، لتتضاعف أحمال المسؤولية.
وتختلف معاناة أهل المريض النفسي من أسرة لأخرى على حسب حالة المريض النفسي وشدتها من جهة، والظروف المادية والاجتماعية التي تمر بها الأسرة، ومدى قدرتها في خضم كُل ذلك على التعامل مع المريض النفسي، ومن المهم أن نعرف أن الأمراض النفسية تحتاج إلى استشارة طبيب نفسي حتى لا تتكبد الأسرة كُل تلك المعاناة، فإما الخضوع للعلاج الدوائي والنفسي، أو تعلّم الأسرة لكيفية التعامل مع المضطرب عقلياً من أجل دعمه واحتوائه، والتأقلم الصحيح مع الأعراض المريض مما يُساعده على السيطرة عليها والتعافي منها… بينما الزوجة قد تُعاني من نوع آخر من المشكلات عندما يكون الزوج مريضاً نفسياً.
معاناة زوجة المريض النفسي
إذا كانت الأسرة تُعاني فإن الزوجة قد تصل إلى ذروة المُعاناة إذا كان زوجها مريض نفسي في حالة عدم الالتجاء إلى مختص في الأمراض النفسية، أو عدم التزام الزوج بالعلاج سواء تناول الدواء أو حضور الجلسات الجماعية والفردية، وعلى اختلاف شدة المرض تُوضع الزوجة تحت الضغط من أجل المحافظة على استقرار الأسرة.
قد تشمل معاناة الزوجة التي تتعامل مع زوج مريض نفسي درجات من الشك والريبة، الغضب والانفعال دون أسباب، مما يزيد من أجواء التوتر وانعدام الاستقرار داخل المنزل، كما تواجه زوجة المريض النفسي ضغوطات أخرى منها عدم تمكُّن الزوج من إنهاء مهامه سواء الأسرية والمهنية، بالتالي زيادة الأعباء على الزوجة الداخلية منها والخارجية، ناهيك عن الحِمل الزائد في تربية الأطفال بسبب عدم مشاركة الزوج أو تأثيره السلبي عليهم من خلال تصرفاته.
وتتضمن أيضاً المعاناة التي تتكبدها الزوجة إقدام الزوج المريض النفسي إلى العنف والعدوانية من خلال ممارسة الاعتداءات اللفظية والجسدية عليها ، أو ممارسة ذلك العُنف على الأطفال، لذا زوجة المريض النفسي تتحمل عبء ثقيل ومعاناة وألم عميقين قد يتطوّر معها إلى الإصابة باضطراب نفسي نتيجة الاستنزاف العاطفي التي تُعاني منه، هذا إذا كانت تتعامل الزوجة بدون توجيهات الطبيب المختص.
من جانب آخر، عندما يكون تعامل الزوجة مع زوجها المريض النفسي تحت إشراف الطبيب النفسي، قد تُمثل الزوجة أكثر من 50 في المائة من العلاج، حيث أن الأدوية المستخدمة في العلاج النفسي حالياً يُمكنها تهدئة الأعراض بشكل كبير، ومع تعاون الزوجة مع الطبيب النفسي قد تكون عامل الحسم في درجة استجابة زوجها للعلاج النفسي، والتحكم في أفكاره وعواطفه والحفاظ على تعافيه، فالطب النفسي يؤكد أن المريض النفسي الذي يحظى بشريك تربطه معه درجات من الثقة والمحبة فرصة عالية في التعافي من المرض والاضطراب العقلي وهنا على الزوجة أن:
معاناة آخرى لزوجة المريض النفسي أثناء العلاج
قد تجد الزوجة أن القيام بالخطوات التالية من أجل مُساعدة الزوج المريض نفسياً في العلاج نوع آخر من أنواع المعاناة، حيث الإرهاق والإجهاد، واستنزاف الطاقة ما بين مراعاة حالة الزوج، وتربية الأطفال، ولا يمُكن إنكار صعوبة الوضع عند التعامل مع زوج مريض نفسياً، خاصة إذا لجأ إلى الكذب والمراوغة على الزوجة أثناء تلقى العلاج، أو إثار المشاكل بدون أي مُبررات بسبب التقلبات المزاجية، أو معاناة الزوجة من انعزال وصمت المريض النفسي، أو سوداويته وسلبيته ومسعاه لتدمير النجاحات وانتقاد الإيجابيات بسبب تراكم الغضب داخله من نفسه ومن الآخرين..
كلها عوائق تواجهها الزوجة أثناء العلاج، ولكن عندما تتفهم الحالة وأسبابها ولما تبدر تلك التصرفات على زوجه المضطرب نفسياً، ستتمكن من التعامل الصحيح معها دون تفاقم الوضع، وحينها يجب على الزوجة التحلّي بالهدوء والاتزان والصبر، فالمرضى النفسيون في حالة حصولهم على الدعم خصوصاً من الزوجة يظهرون تحسن في فترة تتراوح ما بين 30 يوماً إلى 6 أشهر من بدء العلاج، حينها سيتمكن الزوج المريض نفسياً من التصرف باستقرار نفسياً نوعاً ما، إلى أن يدخل في حيز الوعي والتصرف بطبيعية مع استكمال العلاج.
ولكن ماذا عن الحياة الجنسية بالنسبة لزوجة المريض النفسي، هل تتأثر بتلك الحالة؟..
المريض النفسي والجنس
علاقة المريض النفسي بالجنس علاقة تتحدد على حسب المرض الذي يُعاني منه المريض، وكيف يؤثر على مزاجيته وعاطفته وشهواته، حيث كُل مرض يطفي تأثيره المختلف على السلوك الجنسي للمريض النفسي، فمثلاً قد نجد مريض نفسي تظهر لديه أعراض الهوس الجنسي وتزداد رغبته في إقامة علاقة جنسية بصورة مُتكررة، بما لا يتناسب مع الشريك، وقد يُمارس المريض النفسي في تلك الحالة أوضاع جنسية غير مرغوب فيها، بينما في بعض الأمراض قد يفتقد المريض النفسي الرغبة في ممارسة الجنس كُلياً، خاصة أولئك المصابين بالاكتئاب والاضطراب الوجداني، حيث يُعانى انعدام الشغف والإرهاق والكآبة، في حين هُناك مريضاً نفسي يزداد معه النشاط الجنسي بصورة مُفرطة مما يجعله يدخل في علاقات مُتعددة، وقد يُدفع المريض بالوسواس القهري إلى ممارسة الاعتداء الجنسي والاغتصاب، أو الممارسات الجنسية اللفظية والتحرّش.
إذاً لا ريب أن علاقة المريض النفسي بالجنس علاقة مُضطربة ومرضيّة، لكن المرض النفسي لا يؤثر على قدرات المريض الجنسية كما أشرنا من قبل في فقرة معاناة المريض النفسي، حيث يستطيع إقامة علاقة جنسية كاملة، ولكن قد يتأثر المريض الذي يتناول أدوية علاج القلق أو الاكتئاب على المستوى الجنسي حيث تنخفض عنده الرغبة الجنسية وقد يواجه مشاكل في الانتصاب والقذف، ولكن مع استمرار العلاج تستوي الحياة الجنسية للمريض النفسي تدريجياً.
إذا كان الاضطراب الجنسي شكلاً من أشكال أعراض المرض النفسي سواء زيادة الرغبة في ممارسة العلاقة أو رفضها، أو ممارسة العنف الجنسي أو استحواذ الأفكار الجنسية على عقل المريض تماماً، فعلاج ذلك الأمر برمته هو استشارة طبيب نفسي من أجل معالجة أسباب المرض، وتقويم السلوكيات.
أما إذا تكلمنا عن ارتباط المرض النفسي بالجنس على أساس النوع سواء ذكر أم أنثى، فالإحصائيات والرأي الطبي الدقيق يُشير إلى وجود ارتباط وثيق بين نوع الجنس وشدة انتشار المرض النفسي، لنجد ارتفاع نسبة الرجال المُصابين بأمراض الشخصية الحديّة، والهوس والأمراض السيكوباتية، بينما يشيع بين النساء الإصابة بالقلق، الاكتئاب، الوسواس القهري.
يُمكنك معالجة تلك الأعراض واضطراب المستوى الجنسي من خلال التواصل واتس آب عبر رقم 0021154333341 ليتم علاجك أون لاين، أو عبر العيادات الخارجية، أو حتى داخل مستشفى دار الهضبة للطب النفسي إذا كانت حالتك تحتاج إلى فترة نقاهة وعلاج تحت إشراف المتخصصين مباشرة.
كلام مريض نفسي
أسلوب كلام أي شخص يُنم عن الأفكار الدائرة في ذهنه والحالة المزاجية التي يمُر بها، في حين أن أي مريض نفسي عند التحدث أو التفاعل لا نتمكن من تحديد فكرته وأسبابها، أو مستوى العاطفة التي يمر بها المريض خلال الموقف أو الكلام، فغالباً ما يُصبغ كلام المريض النفسي بصبغة الاضطراب والألم الداخلي الذي يُعاني منه، لنرى كلامه حاداً مُرتفعاً يتخلله السُباب والإيذاء العاطفي للآخرين نتيجة إحساسه بالغضب، ونجد المريض النفسي يتحدث بكلام غير منطقي أو واقعي في مواقف أخرى بسبب الهلاوس وتشوّش الفكر، وفي حين أخرى نجد المريض النفسي يُطلق كلام مُتداخل غير مفهوم عندما تغلب عليه نوبة القلق والهلع وتشمل أنماط وأنواع كلام المريض النفسي أيضاً ما يلي:
وإذا دققنا النظر فيما سبق ذكره سنجد أن أسلوب كلام أي مريض نفسي لا يُناسب الموقف، ولا يُظهر الانفعال أو العاطفة المناسبة، بجانب أنه كثيراً ما يكون منبعه الأوهام والاختلاق، ولكن علينا أن نعرف أن كثير من المرضى النفسيين لديهم قدرات كبيرة في إقناع الغير وخداعهم والتلاعب بمشاعرهم، وإتقان فن البروز الشخصي.
من جانب آخر يُمكننا التعرف على كلام مريض نفسي من خلال حديثه هو عن نفسه وتجربته الشخصية مع المرض فيما يلي.
كلام مريض نفسي عن معاناته وتجربته
إذا كُنا قد أشرنا إلى كلام المريض النفسي أبعاده وما يتخلله من مشاعر ونبرات، فإن كلام مريض نفسي عن مرضه وتجربته يُعتبر عُنصراً حيوياً لنتفهم جيداً ما يمُر به، وما يُعانيه، لنستطيع أن نكوّن صورة أعمق عنه من خلال كلام نابع من دواخله، فإذا كان المريض النفسي يعيش في دائرة مغلقة لا تُفتح إلى نادراً، فإن توثيق كلامه وتحليله أمر في غاية الأهمية من أجل التمكن من احتواء المضطرب نفسياً لنكون جزءاً من العلاج، بدلاً من زيادة الضغوط عليه مما يُسبب تفاقم المرض وأعراضه، فيما يلي كلام نابع من المريض النفسي عندما قرر في لحظة ما الانفتاح والتواصل.
كلام مريض نفسي عن معاناته مع الاكتئاب
يقول “ر.س” تقفز في رأسي دوائر من الأفكار السلبية، كرهت نفسي فقدت الشغف، يومياً كُنت أشعر بانعدام الجدوى، لا شيء صالح، ولا شيء سيصبح صالحاً، وأنا غير جدير بالحياة ولن أصبح سعيداً أبداً، انعزلت، ضاقت روحي، أصبت باضطرابات الشهية وبدأ جسدي يذبل، وأدخل في نوبات خوف وذعر شديدة بسبب الصور التي تُلاحقني داخل رأسي، بدأ الغضب يتراكم ويتفاقم داخلي، وأصبحت تصرفاتي أكثر عدوانية وعُنف، لا أريد رؤية أحد، أُصبت بالأرق لمدة طويلة، وأنام بكثرة لمدة أطول بعدها، استحالت الحياة في عيني، واستحوذت على فكرة الانتحار، فقد أصبني الإكتئاب لكن نصحني صديق بزيارة طبيب نفسي، ولما وجدني رافض، حدد ميعاد أون لاين من موقع دار الهضبة، وكانت الجلسة الأولى مُجدية، لكم أحببت أن هُناك أحد يفهم ما أمرُّ به، تشجعت للذهاب لمقر مستشفى دار الهضبة، واظبت على العلاج، بدأت في التحسُن بعد شهر تقريباً، التزمت بالعلاج السلوكي، شعرت بأنني أسترد شغفي وإحساسي بذاتي، وها أنا الآن أُمارس حياتي بطيبعية، رغم الانتكاسة على فترات مُتباعدة، ولكنني أكتسب في كُل مرة محفزاً جديداً، وأسباب أعمق داخلي، وأعمل مع طبيبي على معالجتها”.
حديث مريض نفسي حول تجربته مع اضطراب ثنائي القُطب
يقول “ع. م” عندما أتخذت قرار بالكلام عن تجربتي مع اضطراب ثنائي القطب لم يكن الأمر هيناً، خاصة أنني حافظة على التعافي لفترة طويلة، ولكني كمريض نفسي أريد أن يصل الكلام إلى كل من يعانون من ذلك المرض حتى يتسنى لهم البدء في التعافي”
“الاضطراب ثنائي القُطب تعيش وكأنك لا تعرف نفسك، نوبات من الاكتئاب وأفكار انتحارية، نوبات من الهوس المُندفع، أنت حقاً تُريد أن تُسيطر على مشاعرك، ولكنك لا تستطيع، تقتحمك مشاعر الحزن والاكتئاب من حيث لا تدري، فتدخل في دوامة كُره الذات ورفض الحياة، نوبات من بكاء متلاحقة، وسوداوية مُسيطرة وصور لا إرادية مقلقة تهاجمك، تريد أن تُنجز أي شيء ولكنك لا تستطيع التحرك من سريرك، وفجأة ينتعش رأسك، يزداد نشاط تفكيرك، يُصيبك هوس بالنفس تندفع وتتهور، تريد أن تكبح جماح نفسك ولكنك لا تستطيع، أنت تُسبب الأذى ويشعر الجميع بالإحراج وهو بجانبك، ألم عاطفي ينتابك، أصبت بالتوتر، القلق، ذهبت لطبيب شخص حالتي بالوسواس القهري، تناولت الأدوية، لم تُعطِ نتيجة، ازدادت حالتي سوءاً كرهت كُل شيء، حتى تم تشخيصي باضطراب ثنائي القُطب، صحيح أنه لا يوجد علاج جذري للمرض، ولكن العلاج الدوائي والجلسات النفسية كانت فعّالة بدأت أستوعب حالتي مع فترات النوبات، وأسيطر على الأعراض رويداً رويداً، الأعراض أصبحت متباعدة وأقل شدة، الغرق النفسي والاضطراب والتشوش الفكري غير متواجدين، أشعر الآن أنني أفضل، عندما قررت العلاج، عندما قررت الكلام، عندما أعترفت أني مريض نفسي واحتاج إلى مساعدة”.
كلام مريض نفسي عن مرض الشخصية الحدّية
يقول “س.ر” تجربتي التي أوقعتني في مُعاناة لا فكاك منها كانت بسببي في المقام الأول، حيث أنني تعاملت كأنني ضحية والجميع من حولي هُم الجُناة، هذا الكلام من مريض نفسي عانى من اضطرابات الشخصية الحدية لمُدة 3 سنوات دون علاج حتى شرع في محاولة قتل وانتحار، ولكنه استطاع الخروج من المعاناة بسلام”.
“كان مرضى بـ اضطراب الشخصية الحدية لا يُمثل صدمة لدى عائلتي، فهُناك تاريخ لدينا مع الأمراض والاضطرابات العقلية، كُنت أعاني منذ صغري من الوحدة، ليس لدي أصدقاء، مزاجي مضطرب وغير مستقر، تفكيري مشوّش، وغضب دفين يأكلني ويتحكم في تصرفاتي، كنت أحاول أن أكون أفضل، أري نفور الناس مني وأتألم، أنا سيئ، لا أستحق الحياة، وكلما ازداد غضبي أثرت المشاكل من حولي، وبعدما عرفت أني مرضي النفسي وراثي، صببت كل الغضب على عائلتي، تماديت في أفعالي غير عابئ، رغم أحساسي الدفين بالعجز والخجل والضعف، واجهني أخي مرة وقال “أفق أنت لست ضحية أحد، إن لم تُقرر أن تعيش فلن تعيش”، بعدها قرأت كلام مريض نفسي عن معاناته مع نفس المرض، قال عندما قررت العلاج نجحت في ذلك، حينها بدأت أنظر للأمر على أنها أزمة شخصية ولا علاقة لأحد بها، تقبلت ما أنا فيه لأنه يحدث لي بالفعل، وتوجهت لمركز للطب النفسي، وعرفت أن الدواء يُهدئ من الأعراض والعلاج النفسي السلوكي يحاول معالجة المرض من جذوره، لذا رفضت تناول الدواء واخترت أن أعيش داخل مستشفى دار الهضبة لفترة من أجل التركيز على العلاجات السلوكية، وخلال العلاج بدأت في فهم ذاتي، وفهم تصوراتي بشكل أعمق، تعلمت أن التحدث عما يدور داخلي ليس بجريمة، تصالحت مع حالتي، وبدأت في تقويم سلوكياتي وتنظيم حياتي، تعلمت تمارين اليقظة، التأمل، واظبت على الأكل الصحي، التمارين الرياضية، كوّنت دائرة علاقات من المتعافين من الأمراض النفسي، وبدأت أخيراً أن أعيش كما أحبّ”.
إذاً هذه معاناة المرضى النفسيين، وكلماتهم عن أنفسهم، إنهم يستحقون الدعم والتشجيع والإيمان بقدراتهم على تجاوز اضطرابهم، والسير على الطريق الصحيح بتطبيق العلاج المهني، المريض النفسي مثلنا جميعاً إنسان طبيعي يُعاني من بعض الاختلافات الفسيولوجية البيولوجية التي تحتاج إلى علاج، ونعتقد أننا جميعاً في مراحل ما أيضاً نحتاج وبشدة للذهاب إلى طبيب نفسي ليساعدنا في استعادة السيطرة على أنفسنا وحياتنا، فالمريض النفسي ليس عاراً.
الخلاصة
المريض النفسي يُمكن التعرّف عليه من خلال سمات وصفات شائعة للأمراض النفسية تظهر عليه عبر تعامله مع نفسه ومع الآخرين، وكيف تسير حياته وروتين يومه، كما يُمكن تمييزه من خلال تصرفاته وكلامه، حتى أننا يُمكننا تكوين تصوّر حول المرض الذي يُعاني منه من خلال الاطلاع على أعراض الأمراض النفسية، ولكن لا يجب أن توقف عند ذلك الحد، فالمريض النفسي في معاناة حقيقية بين مرضه وبين عجزه وإحساسه بالضعف والاضطراب، الأمر حقاُ خارج نطاق سيطرته مما يُسبب معاناة الأسرة والزوجة.
قد تُشكل بعض الأمراض النفسية خطورة على المريض وعلى كُل المحيطين به، لذا يُمكنك التبليغ عن المريض النفسي من خلال الخط الساخن المُخصص للدعم النفسي، من أجل العمل على تهدئة الأعراض، ثم البدء في العلاج، ويجب أن نعرف ليس كُل حالة اضطراب نفسي تستدعي الحجز في مصحة نفسية، إذ أن الحجز يتم بناء على أحكام قضائية بعد تقرير من طبيبين على الأقل بضرورة حجز الحالة.
المريض النفسي ليس مجنوناً ويُمكنه أن يتزوج ويصبح رب أسرة، لكن في حالة الوصول إلى قدر مناسب من الاتزان والاستقرار بعد الخضوع للعلاج المهني المتخصص، إذ في وقتنا الحالي يُمكن السيطرة على أي مرض نفسي وتحجيم أعراضه ليستطيع المريض النفسي أن يعيش بشكل طبيعي ويمارس حياته بهدوء حتى وإن ظهرت انتكاسات فُهناك حلول تمكنه من الحفاظ على تعافيه لأطول فترة ممكنة.
المرض النفسي مثله مثل أي مرض جسدي مزمن يُمكن التحكم في أعراضه والتعايش معه، وهُناك أمراض نفسية قابلة للعلاج النهائي خاصة إذا كان المريض يتلقى دعماً مناسباً من أسرته، ومعاملة صحيحة من المُقربين منه، ومُلتزم بالعلاج وتوصيات الأطباء.
للكاتبة: الهام عيسى.
إن الهدف من المحتوى الذي تقدمه مستشفى دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان هو إعادة البسمة والتفاؤل على وجوه من يعاني من أي اضطرابات نفسية أو وقعوا في فخ الإدمان ولم يجدوا الدعم والمساعدة من حولهم وهذا المحتوى الذي يقدمه فريق مستشفى دار الهضبة هو محتوى متميز وموثق ويحتوي على معلومات قائمة على البحث والاطلاع المستمر مما ينتج عنه معلومات موثقة وحقائق يتم مراجعتها عن طريق نخبة متميزة من أمهر أطبائنا المتخصصين، ولكن وجب التنويه أن تلك المعلومات لا تغني أبداً عن استشارة الأطباء المختصين سواء فيما يخص الطب النفسي أو علاج الإدمان، فلا يجب أن يعتمد القارئ على معلومات فقط مهما كانت موثقة دون الرجوع لأطبائنا المتخصصين أو الأخصائيين النفسيين المعتمدين وذلك لضمان تقديم التشخيص السليم وخطة العلاج المناسبة للمريض.
أ / هبة مختار سليمان
(أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر
– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.
اقرأ أكثر