محتوي المقال ( إضغط علي العنصر للتنقل )
من أنا، وكيف بدأت رحلة الغرق؟
أنا “ع. م”، متوسط الحال، أبلغ من العمر 37 عام، متزوج ولدي ولدان، كنت أعيش حياتي البسيطة بسعادة وبساطة، أذهب إلى العمل صباحاً، وأعود لتمضية ما تبقى من الوقت مع أسرتي الصغيرة. إلى أن حدث ما حدث من التدهور الإقتصادي في البلاد، وقام المصنع الذي أعمل فيه بتسريح عدد كبير من العمال، وكنت أنا من بينهم.
أمضينا الأيام أنا وبعض رفاقي في البحث عن عمل جديد، ولكن هيهات، الجميع يُقلل العمالة، لا يزيدها، ضاقت علي الدنيا، واسودت في وجهي، فها نحن على أعقاب عام دراسي جديد، ولا أملك مال لدفع مصاريف المدرسة، وشراء ما يلزم، كانت زوجتي تُهونها عليا، باعت ما كان معها من الذهب على قلته، ولكن سرعان ما انتهى المال.
ماذا أفعل؟! عُدت أبحث عن رفاقي، فإذا بهم قد انجرفوا إلى بحر التعاطي، وتعاطيت الكوكايين معهم لا أعلم كيف أصبحت مدمناً على الكوكايين بعد أن كنت أنصحهم، وأعنفهم للتراجع عما يفعلون، ربما اليأس وفقدان الأمل في إيجاد وظيفة جديدة، والحزن الذي ملأ قلبي على أبنائي وزوجتي، كنت أبحث في المخدر عن مهرب من الواقع، فأنسى همومي وما ينتظرني، وياليتني لم أفعل، فبماذا يُجدي الهرب من الواقع؟! هل سيُغيره؟!!
الأعراض التي ظهرت عليه
بدأت أعراض ادمان الكوكايين في الظهور تباعاً وكانت هذه بداية قصتي مع الكوكايين المخدر القاتل، حتى أيقنت أنني وقعت في الفخ، وكانت الأعراض كثيرة نفسية، جسدية، وسلوكية، لا أنُكر أنني في بداية التعاطي كنت أشعر ببعض المشاعر الإيجابية من النشوة، السعادة، النشاط، والإنفصال عن الواقع، ولكن تدريجياً أصبحت الجرعة غير كافية، وأصبحت في حاجة لزيادتها. وبدأ أعراض أخرى في الظهور منها:
شعرت بأعراض جسدية مؤلمة
بعد شم الكوكايين كنت أشعر بتسارع في دقات القلب، وأحياناً كأن عروقي على وشك الإنفجار، علمت أن هذا كان بسبب ارتفاع ضغط الدم، بدأت أهمل تناول الطعام، فقد فقدت رغبتي تجاهه، فخسرت الكثير من الوزن، وبعد فترة أصبحت أخاف من النظر في المرآة، فقد شحب وجهي، اتسع بؤبؤ عيني، أنفي لا يتوقف عن السيلان، وعيني دامعة.
أصابني أعراض نفسية شديدة
أما عن الأعراض النفسية فحدث ولا حرج، كنت لا أستطيع النوم ليلاً، وأصبح الأرق رفيقي، والإكتئاب يلازمني، أصبحت لا أحتمل البقاء في المنزل فنظرات زوجتي الحزينة الصامتة تقتلني، وأولادي الذين أصبحوا يرتعبون من رؤيتي، و يتحاشون الخروج من غرفتهم في وجودي بمثابة سكاكين تنغرز في قلبي.
تغيرت سلوكياتي بسبب إدماني
تغيرت سلوكياتي تماماً كأنني شخص آخر، فبرغم أننا أسرة متوسطة الحال، إلا أنني كنت شديد الاهتمام بمظهري، كنت أحب اسرتي حباً شديداً وأفضلهم على نفسي، مع الإدمان تحولت، أصبحت لا أهتم بظهري أبداً، ولا أغير ملابسي، أصبحت سريع الغضب والإنفعال، كدت أبيع أثاث منزلي وأترك أطفالي ينامون على الأرض لأحصل على الكوكايين!!
ماذا خسرت بسبب الكوكايين؟
مع ظهور جميع أعراض الإدمان على ايقنت وردت بصوت عالي أنا مدمن كوكايين، ابتعد عني أهلي وأصدقائي، كأنني مريض بمرض مُعدي يخافون على أنفسهم مني، خسرت نفسي، ومستقبلي فلا أمل للمدمن في الحصول على وظيفة، خسرت استقرار أسرتي، فها هي زوجتي تعمل في المنازل، و تستدين من أهلها لتنفق على أبنائي، كيف أنظر في عينيها الدامعتين دوماً.
خسرت حب أبنائي، فبعد أن كانوا ينتظرون عودتي، أصبحت سبب في ادخال الرعب إلى قلوبهم، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير حين سمعتهم بأذني يقول أحدهم للآخر ليت أبي يموت، أصبح زملائي في المدرسة يعايروني به، وأمي تبكي ليل نهار بسببه، فرد عليه أخيه الأصغر، أن يا ليت ذلك يحدث، فقد أصبحت أخاف منه كثيراً وأصبحت أتمنى ألا يعود للمنزل. هنا كان لابد من التوقف، و اتخاذ قرار العلاج.
لا تترد في التحدث معنا وطلب استشارة مجانية بالنسبة للمريض :- سيقوم بالرد عليك متخصص وسيتعرف علي حالتك ومن ثم يقدم لك الحلول والخطط العلاجية المناسبة لحالتك بسرية وخصوصية تامة. بالنسبة للاسرة :- سيقوم بالرد عليك متخصص وسيتعرف علي حالة الابن ومن ثم يقدم للاسرة الدعم الكامل والارشادات اللازمة ويوضح لكم خطوات العلاج وطريقة احضاره للمركز وكيف تتعامل معه الاسرة مع ضمان السرية والخصوصية التامة.
اتخذت قرار علاجي بمفردي
ما فائدة حياتي الآن، والكل يتمنى موتي، كانت زوجتي الحنون تقف خلفي وأنا أنظر لنفسي في المرآة كأني أبحث عنها، فهذه الصورة أمامي ليست لي. وكأنها قرأت أفكاري، وقالت نعم، هذا لست أنت، لست الرجل الذي أحببته وتزوجته، ولكني أثق بك، أعلم أنك لا ترضى أن تعيش هكذا.
انفجرت في البكاء، أخيراً هناك من يشعر بي، أخبرتها أني أود العلاج، ولكن لا أملك أي مال، فاقترحت على العلاج في المنزل، ولكنه كان اقتراح خاطئ.
اليوم الأول في علاجي
استطعت تحمل اليوم الأول، ومر بسلام، فلم تكن أعراض إنسحاب الكوكايين شديدة بعد، فرحت للغاية وقولت ها أنا إنسان جديد بعد اليوم.
اليوم الثاني في منزلي
ولكن في صباح اليوم التالي، شعرت برغبة شديدة في تناول الكوكايين، الضيق الروحي الذي أشعر به يكاد يقتلني، الكآبة والبؤس لازموني، والقلق لا يفارقني، كيف سينتهي بيا الحال؟! بدأت أكسر في كل ما حولي، فقد أغلقت عليا زوجتي الغرفة، كنت أصرخ وأصرخ طلباً للمُخدر، وأسمع بُكاء زوجتي يتعالى.
جاء أخي مُسرعاً، فهو يسكن في الجوار أخي الحبيب كان يبحث عن أفضل مستشفى لعلاج إدمان الكوكايين، منتظراً أن أتخذ القرار بنفسي. عندها كانت قواي قد خارت، فالألم ينهش في كل جسدي، وسقطت أرضاً.
مراحل علاجي في مستشفى دار الهضبة
أخبرتني زوجتي فيما بعد أن أخي نقلني فوراً إلى مستشفى دار الهضبة، أدخلوني فوراً وبدأ الطبيب في قياس الضغط والنبض، وتم تعليق المحاليل الوريدية. وقد أخبرهم الطبيب أن محاولة التوقف عن الإدمان، خاصة ادمان مُخدر فتاك مثل الكوكايين في المنزل، هي أشبه بمحاولة انتحار، فقد كدت أُصاب بالجفاف، والحمد لله أن قواي خارت، فلربما آذيت نفسي، أو زوجتي، الحمد لله أبنائي كانوا في مدرستهم. مر العلاج بثلاث مراحل:
- مرحلة سحب السموم من الجسم: خلال هذه المرحلة علمت أن المريض في أيام الانسحاب الأولى لابد أن يكون تحت المتابعة على مدار 24 ساعة، فالأعراض الانسحابية شديدة، ولكن أدوية علاج الكوكايين التي كنت آخذها بانتظام سكنت آلامي، وخففت أعراض الانسحاب.
- مرحلة العلاج النفسي والسلوكي: بعد انتهاء مرحلة سحب السموم من الجسم، يأتي دور مرحلة العلاج النفسي والسلوكي، وقد أكملت هذه المرحلة من المنزل، وكنت أزور الطبيب في الجلسات المُحددة.
- مرحلة المتابعة: هي مرحلة مهمة جداً للحفاظ على التعافي من إدمان الكوكايين، ومنع الانتكاس، فقد مر عام كامل على شفائي وهنا ادركت أنه نعم يتعافى مدمن الكوكايين بشرط العلاج والمتابعة، فمازلت أتابع مع مستشفى دار الهضبة، زيارات متباعدة كل عدة أشهر، ولكنها مهمة جداً.
ولدت من جديد بعد تجربة لا تنسى
نعم، لا أبالغ أنني أشعر بعد التعافي أنني وُلدت من جديد، عدت لعملي، وبدأت أتحمل مسؤولياتي، قالي لي طفلي الصغير، كنت أتمنى موتك، والآن أتمنى أن أصبح قوياً مثلك، وتخبرني زوجتي كثيراً أنني لم أخون ثقتها بي، سامحت خطأي، ولكني أعلم أنها لم تكن لتسامحني أبداً، إذا لم أتعالج، وبقيت في هذا الطريق.
أسأل الله ألا يعيش أحد ما عشته ابداً، وألا يقع أحد في فخ الإدمان أبداً، ومن وقع فيه، أنصحك ببدء العلاج فوراً، فكلما كنت أسرع في العلاج، كان التعافي أسهل، واستعادة حياتك مؤكدة بإذن الله.
ملخص المقالأعلم أن تجربتي مع ادمان الكوكايين كان بها بعض الأخطاء، ولكن رغبة في ذكر التجربة كاملة حتى يتعلم غيري من اخطائي ويتجنبها. كما ان فرحتي بالتعافي دفعتني لبث الأمل في قلوب من يرغب في العلاج وتشجيعه على البدء في العلاج فوراً. فقط تواصل مع مستشفى دار الهضبة على الرقم 01154333341.
للكاتبة: د. سمر.
إن الهدف من المحتوى الذي تقدمه مستشفى دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان هو إعادة البسمة والتفاؤل على وجوه من يعاني من أي اضطرابات نفسية أو وقعوا في فخ الإدمان ولم يجدوا الدعم والمساعدة من حولهم وهذا المحتوى الذي يقدمه فريق مستشفى الهضبة هو محتوى متميز وموثق ويحتوي على معلومات قائمة على البحث والاطلاع المستمر مما ينتج عنه معلومات موثقة وحقائق يتم مراجعتها عن طريق نخبة متميزة من أمهر أطبائنا المتخصصين. ولكن وجب التنويه أن تلك المعلومات لا تغني أبداً عن استشارة الأطباء المختصين سواء فيما يخص الطب النفسي أو علاج الإدمان، فلا يجب أن يعتمد القارئ على معلومات فقط مهما كانت موثقة دون الرجوع لأطبائنا المتخصصين أو الأخصائيين النفسيين المعتمدين وذلك لضمان تقديم التشخيص السليم و خطة العلاج المناسبة للمريض.
أ / هبة مختار سليمان
(أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر
– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.
اقرأ أكثر