محتوي المقال ( إضغط علي العنصر للتنقل )
تجربتي مع الأبتريل والحبة الأولى
الحياة مليئة بالتقلبات والصدمات الغير متوقعة، البعض يستطيع التعامل معها والبعض الآخر قد ينهار تماما، للأسف انا كنت من الفئة الأخيرة لذلك غصت في المحظور.
عانيت طويلا من نوبات الهلع والخوف بعد خسارتي جميع ممتلكاتي، أصابني الإحباط والتخبط، انعزلت وانطويت، لا أبارح غرفتي، إلى أن زارني أحد أصدقائي القدامى للاطمئنان علي.
حاول مواساتي دون جدوى، وأثناء الحديث قال لي أنه كان في مثل موقفي منذ عدة سنوات، لكنه عرف حبوب سحرية زاحت عنه كل اضطراباته، وناولني عبوة مكتوب عليها أبتريل..!، قال” يمكنك اللجوء إليها متى احتاجت وستشعر بتحسن”.
وضعتها على الطاولة، شكرته، ثم حاولت النوم، عاودتني نوبات الهلع بشدة تلك المرة، نظرت إلى العبوة الملقاة على الطاولة وأخذت منها حبة، وكانت تلك بداية تجربتي مع الأبتريل.
مفعول الحبة الأولى من أبتريل كان سحريا فبعد دقائق شعرت بهدوء عقلي لم أشعر منذ مدة طويلة، أحسست بالاسترخاء ونمت نوما عميقا كأنني لم أنم من قبل.
عندما استيقظت شعرت بدوار ودوخة، وصعوبة في التحرك، ولكن كان مازال عقلي هادئا على غير العادة، ترنحت قليلا، وشعرت بضعف في العضلات، ” لابد أنها أعراض الابتريل الجانبية قلت في نفسي. اتصلت بصديقي شكرته على نصيحته. في الليل أخذت حبة أخرى حتى استطيع النوم كالليلة السابقة.
كيف تعاملت مع الابتريل والأعراض التي عانيت منها
لم أكن أتخيل أن تناول أبتريل سيخرجني من صدمة ويزج بي إلى دوامة من المعاناة.
بعد حبتين تقريبا من الأبتريل بقى تركيزي عليه، رغم النعاس الذي أعاني منه طوال النهار، ومشاكل الحركة لكن تهدئة الهلع ونوباته كانت غايتي، بدأت الأعراض الجانبية لأبتريل في إظهار مضاعفاتها وشملت سرعة ضربات القلب، الارتباك، الشعور بالتعب والإرهاق، السعال، ضيق التنفس، بالإضافة إني عانيت من الهلوسة والأوهام، أصبحت عدوانيا أكثر.
رغم كل ما كنت أعانيه، إلا أنني كلما أصبت بالتوتر أو القلق كنت أتعاطي الابتريل حتى صارت الحبة حبتين او ثلاث في اليوم، مفعول حبة واحدة لم يعد يعطي أي تأثير.
بدأ الاضطراب الجسدي والنفسي يزداد حدة عرفت بعد ذلك إنه يمثل أعراض تعاطي الأبتريل إذ عانيت من: تنفس صعب، أرق، نزيف أنفي، كآبة، اضطرابات مزاجية، إرهاق دائم، شحوب البشرة، جنون عظمة، فقدان تركيز، ومشاكل في الذاكرة.
أصبحت مدمن أبتريل وأموتريل
6 أشهر مرت على تجربتي مع الأبتريل، أصبحت تلك الحبة هي محور حياتي، كل شئ يتعلق بها، وصلت ل 4 حبات يوميا وأحيانا 5، أحصل على نشوة واسترخاء مؤقتين ثم أعاني من أعراض التعاطي، كانت أعراض الإدمان على الأبتريل تتوالى، ضعف جسدي وسوء تغذية، كوابيس وانفصال عن الواقع، عنف وعصبية، أرق وقلق، عدم التمكن من الحركة بشكل صحيح. كنت أتزود بالأبتريل من ذلك الصديق الذي أعطاني إياه، وفجأة انقطع الأبتريل.
بحثت عنه في كل مكان، وأنا أشعر بالأعراض الانسحابية تغتال جسمي، كدت أن أصل للانتحار.
أثناء بحثي عثرت على أحد الأشخاص يبيع دواء اموتريل وهو بديل الأبتريل وبه نفس المادة الفعالة كلونازيبام، أخذت منه كل الكمية بكل ما معي من أموال، التهمت ثلاث حبات دفعة واحدة لأتخلص من أعراض الانسحاب.
أصبت بمشاكل في القلب بعد تجربتي مع الابتريل وأموتريل
ازدادت السعال بعد دأبي على تعاطي اموتريل يوميا، ضربات قلبي سريعة لا تتوقف، أعراض تعب ومرض وتورم كاحل، لم استطع المشي، ذهبت إلى طبيب فنصحني بالكشف عند طبيب قلب، اتجهت لأخصائي وأخبرني أني أعاني من مشاكل في الشرايين والقلب بسبب تعاطي وإدمان المخدرات ويجب أن أتوقف فورا وإلا سأصاب بنوبات قلبية أو حتى سكتة مفاجئة، قال انه يجب معالجة الإدمان أولا، حتى نستطيع وضع الدواء الصحيح، نصحني بمستشفى لعلاج الإدمان لكني لم أستمع.
محاولة للتوقف وأعراض انسحاب أبتريل
بعد العودة للمنزل وحتى لا أضطر للذهاب لمركز لعلاج الإدمان حاولت التوقف عن تعاطي الجرعة، ولكنني بعد ساعات قليلة شعرت بالاضطراب الانسحابي، وأبرز ما عانيت من أعراض انسحاب أبتريل:
توالت الأعراض والاضطرابات على كلما مر الوقت وظهرت أعراض انسحابية للابتريل أخرى مثل الغثيان، الالتباس، الأرق، التعب والإرهاق، حالة اضطراب عام، لم اتحمل ورغبة التعاطي تشتعل داخل رأسي، قلبي كاد ينخلع من مكانه من شدة الألم اتصلت بأخي حتى ينقذني، فتواصل مع مستشفى دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان على الفور.
تجربتي مع علاج إدمان أبتريل والتخلص منه نهائيا
ذهبت إلى مقر مستشفى دار الهضبة وأنا في حالة حرجة، وقام الأطباء في زمن قياسي بتشخيص حالتي وتقييمها ووضع البرنامج العلاجي الخاص بي، تم إنزالي في قسم التشخيص المزدوج لإزالة السموم والعلاج النفسي في آن واحد.
كيف تم سحب سموم الأبتريل في دار الهضبة؟
في غرفة تحتوي على كافة وسائل الراحة، وتحت مراقبة طبية مستمرة طوال اليوم، تم منحي مجموعة من الأدوية المخففة لأعراض انسحاب الأبتريل بما يتناسب مع حالتي الصحية، ورغم أن أبتريل من الأدوية التي تبرز أعراض انسحابية لمدة طويلة قد تصل إلى 21 يوم أو شهر تقريبا، لكنني لم أشهر بأي معاناة هذه المرة، بجانب بروتوكول العلاج النفسي الذي احتوى نوبات الهلع لدي ومستويات القلب المرتفعة.
في تلك الفترة كان الجميع حريص على راحتي، كما تم تطبيق برنامج غذائي دقيق رفع من قدراتي الجسدية، بدأت أعراض الانسحاب في التلاشي ومرت تلك الفترة بسلام.
انتقلت للعلاج النفسي والتأهيل السلوكي
عبر ثلاثة أشهر أخرى في مستشفى دار الهضبة باتت تجربتي مع أبتريل واضطراباتها على مشارف النهاية.
خلال الثلاث أشهر تم معالجتي نفسيا عبر الجلسات الفردية، والعلاج الجماعي. كما تن تأهيلي سلوكيا عبر العديد من الاستراتيجيات، حيث استعدت وعي بذاتي، وتعلمت كيفية ضبط أفكاري ومشاعري والتحكم في رغبتي ومنع الانتكاسة.
في الحقيقة كان الرحلة العلاجية تشعرني بالانتعاشة كلما مر الوقت، بالإضافة أن حالتي النفسية تحسنت كثيرا فيما يخص القلق ونوبات الهلع، عرفت خلال رحلة العلاج ما هي المشاكل والاضطرابات التي أعاني منها على المستوى الشخصي حتى قبل الإدمان، تقربت من ذاتي واسترجعت رضاي النفسي ودأبت على الأنماط الصحية السلوكية.
انتكاسة الأبتريل.. كيف حميت نفسي منها؟
سواء الابتريل أو الأموتريل فإن الانتكاسة بعد العلاج دائما وشيكة، هكذا أخبرني الأطباء والمعالجين، ولكن من جانب آخر تجربتي مع الأبتريل علمتني أن الإدمان مرض يجب تحديه، والعمل الدائم على التعافي.
بعد الخروج من مركز علاج الإدمان كل شئ جائز، يمكن أن تشتعل رغبة التعاطي في عقل المدمن من أي مثير مرتبط بذكريات الماضي، مثلا عندما رأيت صديقي الذي عرفني على الأبتريل في البداية تذكرت الدواء ونشوته، عندما أصابني التوتر بسبب ضغط العمل.. وهكذا.
فريق العمل في دار الهضبة عملوا على تسليحي بكافة المعلومات، فنظام المخ حتى بعد العلاج قد يستغرق شهورا طويلة ليسترجع نظامه الطبيعي، بينما القدرات الذهنية تعود تدريجيا، حسنا سيمر المدمن المتعافي خلال ذلك الوقت بلحظات ضعف وعليه أن يركز أكثر على نفسه من أجل الوقاية من الانتكاسة إذا أراد الحفاظ على تعافيه مع الحصول على الدعم الكافي من أسرته وأصدقائه. وكانت خطتي لمنع انتكاسة أبتريل كالتالي:
الآن وبعد أن مرت تجربتي مع الأبتريل والاموتريل والتخلص منهما أنا معافى تماما من الإدمان، إذ مرت 5 سنوات وأنا جسمي نظيف من المخدر، تعافيت أيضا من مشاكل القلب، وتجاوزت أزمتي مع نوبات الهلع، كانت تجربة مريرة بالطبع وأنا في خضم الإدمان، ولكنها كانت نقطة تحول في حياتي، إذ بعدما بنيتها من جديد وأعمل حاليا مدربا للمتعافين من الإدمان.
الأبتريل من الحبوب المنتشر تعاطيها خارج الإطار الطبي لأغراض إدمانية، كما يستخدم المتعاطون الأموتريل بديلا عنه، ومن خلال تجربتي مع تلك الحبوب أقول لكم أن البداية قد تكون سحرية خاصة لمن يعانون القلق والتوتر، لكنها تترك معاناة واضطراب جسدي وعقلي وكأنهما الجحيم فلا تلق نفسك في التهلكة فالحساب سيكون عسيرا، بينما العلاج من الإدمان متاحا وبفعالية كبيرة في مركز دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان.ملخص المقال
للكاتبة / ا. الهام عيسي
إن الهدف من المحتوى الذي تقدمه مستشفى دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان هو إعادة البسمة والتفاؤل على وجوه من يعاني من أي اضطرابات نفسية أو وقعوا في فخ الإدمان ولم يجدوا الدعم والمساعدة من حولهم وهذا المحتوى الذي يقدمه فريق مستشفى الهضبة هو محتوى مميز وموثق ويحتوي على معلومات قائمة عل البحث والاطلاع المستمر مما ينتج عنه معلومات موثقة وحقائق يتم مراجعتها عن طريق نخبة متميزة من أمهر أطبائنا المتخصصين. ولكن وجب التنويه أن تلك المعلومات لا تغني أبداً عن استشارة الأطباء المختصين سواء فيما يخص الطب النفسي أو علاج الإدمان، فلا يجب أن يعتمد القارئ على معلومات فقط مهما كانت موثقة دون الرجوع لأطبائنا المتخصصين أو الأخصائيين النفسيين المعتمدين وذلك لضمان تقديم التشخيص السليم وخطة العلاج المناسبة للمريض.
أ / هبة مختار سليمان
(أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر
– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.
اقرأ أكثر