يُعتبر الاكتئاب من أشهر الأمراض المتواجدة على مستوى العالم، حيث تصل نسبة المصابين به ما يزيد عن 264 مليون مريض، ولكن عكس ما يعتقد البعض إن أعراض الاكتئاب بالتفصيل تختلف تمامًا عن التقلبات المزاجية أو الشعور بالحزن كاستجابة عاطفية، فمختلف أنواع الاكتئاب قد تتسبب في الإصابة بحالات صحية خطيرة؛ وذلك في بعض الحالات التي تستمر لفترة زمنية طويلة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى انتحار المريض، وقد أثبتت الاحصائيات الطبية أن عدد حالات الانتحار الناتجة عن مرض الاكتئاب بمختلف أنواعة وصلت إلى حوالي 800000 مريض كل عام، لذلك سوف نعرض عليكم بشكل مفصل أسباب الاكتئاب و أنواعه وأعراض كل نوع بالإضافة إلى كيفية تشخيص المريض وهل مريض الاكتئاب يشفي ومتى يذهب الاكتئاب وماذا إذا استمر الاكتئاب بدون علاج.
إن الاكتئاب مرض معقد؛ فمن المعروف أنه ينتج عن اختلال في التوازن الكيميائي داخل المخ، ولكن قد أشارت الأبحاث والدراسات الحديثة أنه لا ينبع فقط من زيادة أو نقص المواد الكيميائية في المخ بل يوجد العديد من مسببات الاكتئاب التي تتفاعل فيما بينها مسببة الإصابة بمرض الاكتئاب؛ بما في ذلك أحداث الحياة المتعبة والعامل الوراثي والتنظيم الخاطئ للمزاج في المخ والأمراض والمشاكل الصحية المزمنة وبعض الأدوية، وتؤثر هذه الأسباب على المريض في صورة أعراض الاكتئاب ومضاعفاته بمختلف أنواعه على النحو التالي:
يوجد مناطق معينة في المخ مسئولة عن تنظيم الحالة المزاجية للإنسان، وقد أثبتت بعض الأبحاث أن دور وصلات الخلايا العصبية ونمو خلايا عصبية جديدة وإنتاج الدوائر العصبية أكثر أهمية من الخلل في مستوى المواد الكيميائية داخل خلايا المخ في حدوث مرض الاكتئاب، وبناءً على ذلك فإن علاج الاكتئاب يعتمد بشكل رئيسي على تحسين قدرة المخ على ثبات وتنظيم الحالة المزاجية للمريض؛ وذلك من خلال النواقل العصبية الموجودة بين الخلايا العصبية والتي تعمل على نقل الرسائل من خلية عصبية إلى الأخرى، ولذلك تعتمد معظم أدوية علاج الاكتئاب على زيادة أو انخفاض هذه النواقل العصبية بناءً على نوعها سواء نواقل عصبية منشطة أو نواقل عصبية مثبطة.
يتساءل الكثير “هل الاكتئاب وراثي؟” قد تؤثر الوراثة في الاكتئاب؛ حيثُ تُعتبر الجينات المتحكم الرئيسي في جميع أجزاء جسم الكائن الحي، بما في ذلك الحالة المزاجية التي تتأثر بالكثير من الجينات؛ حيثُ ينتج عن الجينات البروتينات التي تُشارك في جميع العمليات البيولوجية للجسم، ولذلك فإن الخلل الجيني قد يؤدي إلى عدم استقرار المزاج وزيادة نسبة التعرض للإصابة بمرض الاكتئاب، ولذلك فإنه معظم هؤلاء المرضى يتعرضون إلى إجهاد عصبي من نوعٍ ما يؤدي إلى خلل في توازن واستقرار المزاج.
كما تم التوضيح سابقاً؛ فإن التركيب الجيني يؤثر على مدى حساسية الإنسان لأحداث الحياة المتعبة، فقد يؤدي إجتماع العوامل الوراثية مع مواقف الحياة المتعبة مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو شخص عزيز أو الإصابة بمرض خطير أو تدهور علاقة أو فقدان وظيفة إلى المعاناة من مرض الإكتئاب، حيث يُوجد عواقب فسيولوجية متعددة للمرور بالمواقف والأحداث الحياتية المجهدة؛ لأنها تتسبب في مجموعة من الاستجابات والتفاعلات الكيميائية في جسم الإنسان التي يعتمد تأثيرها على مدة هذه الأحداث المجهدة؛ فإذا كانت قصيرة الأجل يمر بها الجسم وعادةً ما يعود إلى طبيعته، ولكن إذا كانت لفترات زمنية طويلة تؤدي إلى تغيرات في هرمونات الجسم وكيمياء المخ؛ ينتج عنها المعاناة من اضطرابات الحالة المزاجية والاكتئاب.
ترتبط المشاكل الصحية والأمراض المزمنة بالاضطرابات المزاجية والاكتئاب بشكل كبير؛ حيث أثبتت الاحصائيات أن نسبة حالات الاكتئاب الناجمة عن الأمراض المزمنة واستخدام الأدوية المسببة للاكتئاب تصل إلى 10٪ – 15٪ من جميع حالات الاكتئاب، ومن أشهر هذه الأمراض الاختلال في مستوى هرمون الغدة الدرقية، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو الأمراض العصبية مثل مرض التصلب المتعدد ومرض الزهايمر ومرض باركنسون ومرض هنتنغتون، أو السكتة الدماغية، أو نقص الفيتامينات في الجسم مثل نقص فيتامين ب 12، أو أمراض الجهاز المناعي مثل مرض الذئبة الحمراء، أو الإصابة ببعض الفيروسات مثل الفيروس المسبب التهاب الكبد الوبائي وفيروس نقص المناعة البشرية، أو الإصابة ببعض الأورام، أو ضعف الانتصاب عند الرجال.
يوجد بعض الأدوية التي تُسبب الاكتئاب كأحد أعراضها الجانبية مثل أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم أو أدوية حبوب منع الحمل، ولكن يجب وضع في الاعتبار أن هذه الأدوية قد لا تؤثر على الحالة المزاجية لبعض الأشخاص بما يكفي لتسبب الاكتئاب وقد تؤثر على أفراد أخرى؛ وذلك وفقاً للتاريخ العائلي أو الشخصي للمريض من الاكتئاب الذي يجعله أكثر عرضة لهذه التغيرات، بالإضافة إلى ذلك قد تُسبب بعض الأدوية الشعور بالضيق وعدم الراحة أو الشعور بفقدان الشهية؛ مما يترتب عليه الخلط بين هذه الأعراض والاكتئاب.
لا يُمثل الحزن الشديد لفترة زمنية قصيرة مثل أيام أو أسابيع قليلة اكتئابًا؛ ولكن الحزن الشديد المستمر لفترة أسبوعين أو أكثر، ويؤثر على إنتاجية المريض وقدرته على العمل يُمثل أحد علامات الاكتئاب، بالإضافة إلى ذلك تتمثل أعراض الاكتئاب في المزاج المظلم ومشاعر اليأس، وتغيرات في نمط النوم، وتغيرات في الشهية، والإرهاق الشديد ونقص الطاقة؛ وبالتالي صعوبة أداء الأنشطة اليومية المعتادة، وقلة القدرة على التركيز، وفقد الشغف في الإهتمام بالأشياء التي كان المريض يستمتع بها في الماضي، الانسحاب من الحياة الاجتماعية والأصدقاء والانشغال بالأفكار الانتحارية وإيذاء النفس، والتي تُعتبر من أهم مضاعفات الاكتئاب التي تلزم المريض للسعي وراء علاج الاكتئاب بعد تشخيصه.
قد أثبتت الدراسات والاحصائيات تعدد علامات الاكتئاب واختلافها من مريض إلى الآخر، بالإضافة إلى احتمالية ظهور هذه الأعراض دون الإصابة بمرض الاكتئاب، ويظهر هذا الاختلاف بشكل واضح من خلال انواع الاكتئاب واعراض كل نوع التي تُميزه عن غيره.
يُعرف هذا النوع من الاكتئاب بعدة اسماء مثل “الاكتئاب الكلاسيكي” أو “الاضطراب الاكتئابي الرئيسي” أو “الاكتئاب أحادي القطب”، وعلى الرغم من شدة هذا الاكتئاب؛ فلا يوجد سبب واضح له ؛ فيمكن أن يعاني المريض من الاكتئاب الحاد دون وجود أي سبب من أسباب الاكتئاب الحاد، ويتسم هذا النوع بمعاناة المريض من أعراض الاكتئاب معظم اليوم وفي كل الأيام، وبذلك يتم تشخيص مرض الاكتئاب الحاد بوجود الأعراض؛ التي تُسبب مشاكل وتُعيق الحياة والأنشطة اليومية للمريض على اختلاف مدة هذه الأعراض التي تشمل الآتي:
يُعرف هذا النوع باسم “الاضطراب الاكتئابي المستمر”؛ لأنه يستمر لفترة زمنية طويلة تصل إلى عامين أو أكثر، ولذلك قد يعتقد المريض أن هذه حياته الطبيعية؛ وعلى الرغم من استمرار أعراض هذا النوع لفترة زمنية طويلة إلا أنها لا تصل شدتها إلى مستوى شدة أعراض الاكتئاب الحاد، ولكن قد تتباين شدة الاكتئاب أثناء مراحل المرض، بالإضافة إلى ذلك قد يُصاب المريض ببعض نوبات الاكتئاب الحاد وبهذا يُطلق على الحالة مصطلح “الاكتئاب المزدوج”، ويتسم الاكتئاب المزمن أيضًا بالتأثير السلبي على العلاقات والحياة اليومية للمريض، ومن ضمن أعراض الاكتئاب المزمن الآتي:
يُعتبر مصطلح “الهوس الاكتئابي” هو الاسم القديم لمرض “الاضطراب ثنائي القطب”، وهو عبارة عن فترات من الهوس المرضي تتناوب مع فترات من نوبات الاكتئاب؛ حيثُ يشعر المريض بفترات من السعادة الشديدة والتي تستمر لمدة أسبوع أو أقل وفترات من الحزن الشديد قبل فترات الهوس أو بعدها.
المزيد حول : الهوس الاكتئابي
يتعرض مريض الاضطراب ثنائي القطب (الهوس الاكتئابي) إلى نوبات اكتئاب يشعر خلالها بالأعراض الآتية:
يمر مريض الاضطراب ثنائي القطب (الهوس الاكتئابي) بفترات من الهوس والسعادة الزائدة وخلال هذه الفترات يشعر بالأعراض الآتية:
تتمثل في حالات الاكتئاب الحاد التي يُصاب فيها المرضى بفترات من فقدان الاتصال تمامًا بالواقع المحيط بهم؛ ولذلك يُطلق عليه “الاكتئاب الذهاني” أو” الذهان الاكتئابي”، وقد يُصابون أيضًا بالأوهام أو الهلوسة، حيث يشعر المريض بالهلوسة عندما يرى أو يسمع أو يتذوق أو يشم أو يشعر بأشياء غير موجودة في الواقع، أما الأوهام فهي اعتقادات راسخة لدى المريض ولا يوجد لها معنى وغير صحيحة ولكن المريض يعتقد أنها صحيحة وحقيقية للغاية، وبالإضافة إلى ذلك قد يُصاب المريض ببعض الأعراض الجسدية مثل تباطؤ في الحركات الجسدية أو مشاكل في الجلوس.
اكتئاب يُصيب المرأة في الفترة المحيطة بالولادة، سواء أثناء فترة الحمل أو خلال أربعة أسابيع من موعد الولادة؛ ولذلك يُطلق عليه مصطلح ” الاضطراب الاكتئابي المصاحب بداية ما حول الولادة” أو ” اكتئاب ما بعد الولادة” أو ” اكتئاب ما حول الولادة”، وترجع علامات الاكتئاب عند المرأة في فترة ما حول الولادة إلى التغير الهرموني الذي يحدث أثناء الحمل والولادة؛ ويؤدي إلى تغيرات في كيمياء المخ والتي بدورها تُسبب التقلبات المزاجية، بالإضافة إلى الإرهاق الجسدي وقلة النوم المصاحبة لإنجاب مولود جديد، ومن ضمن علامات الاكتئاب عند المرأة في هذه الفترة الآتي:
المزيد عن : اكتئاب ما بعد الولادة
يُعتبر الاكتئاب ما قبل الحيض الذي يُطلق عليه “الاضطراب المزعج ما قبل الحيض (PMDD)” من أشهر أسباب الاكتئاب عند البنات، وهو يُمثل نمط حاد من متلازمة ما قبل الحيض (PMS)، حيثُ تميل أعراض الاضطراب إلى أن تكون نفسية أكثر منها جسدية؛ على خلاف أعراض دورة الطمث الطبيعية التي تجمع بين الأعراض الجسدية والنفسية التي تتمثل في زيادة المشاعر والعاطفة في الوقت السابق لدورة الطمث مباشرة، بينما تتمثل الأعراض النفسية المتواجدة في الاضطراب المزعج ما قبل الحيض (PMDD) في صورة اكتئاب وحزن يُعيق من أداء المريض للوظائف اليومية المعتادة، وتبدأ هذه الأعراض من بداية فترة التبويض (ovulation) حتى بداية نزول الطمث، وتكون أشد في حدتها من الأعراض المتواجدة في متلازمة ما قبل الحيض (PMS)، ومن ضمن هذه الأعراض الآتي:
هو نمط من الاضطراب الاكتئابي يرتبط بفصول معينة؛ ولذلك يُطلق عليه مصطلح ” الاضطراب العاطفي الموسمي” وهو يحدث بنسبة كبيرة خلال أشهر فصل الشتاء، حيث تبدأ الأعراض في الظهور من نهاية أشهر فصل الخريف وتبدأ في التقلص مع بداية أشهر فصل الربيع، وقد أثبتت بعض الدراسات أن سبب هذا الاكتئاب الموسمي يرجع إلى درجة استجابة الجسم إلى الضوء الطبيعي، ومن أشهر هذه الأعراض الآتي:
هو أحد أنواع الاكتئاب الذي يرتبط بشكل كبير مع الظروف المحيطة بالمريض؛ ولذلك يطلق عليه مصطلح “اضطراب التكيف مع المزاج” وقد أثبتت الدراسات وجود نسبة كبيرة من التشابه بين الاكتئاب الظرفي والاكتئاب الحاد في كثير من النواحي، ولكن الاكتئاب الظرفي ينتج عن التعرض إلى أحداث أو مواقف معينة على سبيل المثال:
ويجب التنويه على اختلاف الشعور الطبيعي بالحزن والقلق أثناء المرور بمثل هذه الأحداث عن الاكتئاب الظرفي، حيث إن مشاعر وأعراض الاكتئاب الظرفي لا تتناسب نهائيًا مع الأحداث المحفزة لهذا الاكتئاب، وقد أثبتت الدراسات والاحصائيات أن أعراض الاكتئاب الظرفي تبدأ في الظهور في معظم الحالات في خلال ثلاثة أشهر من موعد حدوث الأزمة، ومن أشهر هذه الأعراض الآتي:
هو عبارة عن اكتئاب يختفي بصورة مؤقتة عندما يتعرض المريض إلى مواقف أو أحداث ايجابية، ويُعتبر من الصعب تشخيص الاكتئاب اللانمطي؛ لأن المريض لا يبدو عليه أعراض الاكتئاب دائمًا، ولكن قد يتعرض إلى نوبات شديدة من الاكتئاب الحاد، ومن أعراض الاكتئاب اللانمطي الآتي:
ولكن قبل السعي وراء معرفة نوع الاكتئاب الذي يُعاني منه المريض، ينبغي عليه السعي أولًا لمعرفة هل يُعاني من الاكتئاب أم إنه يُعاني من مجرد الشعور بالحزن أو القلق فقط ويتم معرفة ذلك من خلال تشخيص المريض في مركز دار الهضبة من خلال أطباء الصحة النفسية المتخصصين.
على الرغم من انتشار مرض الاكتئاب على مستوى العالم؛ إلا أنه يتم تجاهل تشخيصه بصورة كبيرة جدًا وتركه دون السعي وراء علاج الاكتئاب؛ مما يؤدي إلى زيادة معدل حالات الانتحار الناتجة عن الاكتئاب.
إن عملية تشخيص مرض الاكتئاب ليست عملية سهلة مطلقاً؛ حيث يوجد الكثير من الاعتقادات الخاطئة عن مرض الاكتئاب فهو يختلف كثيرًا عن الحزن أو الإحباط أو القلق، ويتم التشخيص في مستشفى دار الهضبة من خلال طاقم طبي متكامل الذي يقوده مجموعة من أشهر الأطباء النفسيين على مستوى العالم، عن طريق سؤال المريض عن الأعراض والتاريخ المرضي للشخص والعائلة، والفحص الكامل للبحث عن الأسباب والعوامل المسببة لهذا الاكتئاب، وسوف يتم عرض أسباب خطأ هذه الاعتقادات في صورة الفرق بين الاكتئاب والحزن والفرق بين الإحباط والاكتئاب والفرق بين الاكتئاب والقلق، لما في ذلك من أهمية مطلقة قبل الشروع في السعي وراء استراتيجيات علاج الإكتئاب الفعالة.
إن الفرق بين الاكتئاب والحزن كبير، ولكن الحزن جزء لا يتجزأ من مرض الاكتئاب، فإن الحزن هو العاطفة الإنسانية التي يشعر بها الإنسان طبيعيًا أثناء مروره بأوقات وظروف عصيبة مثل موت أحد الأحباب أو فقدان وظيفة أو المشاكل المالية أو الرسوب في الإمتحانات أو الطلاق…إلى آخره، ومع ذلك، يستطيع الإنسان أن يحصل على بعض الراحة أثناء عاطفة الحزن من خلال البكاء أو التحدث أو التنفيس، بالإضافة إلى قدرته على استئناف وظائف الحياة الطبيعية، ولكن إذا استمرت عاطفة الحزن إلى فترة زمنية أكثر من أسبوعين؛ فينبغي على الفرد التوجه إلى مركز دار الهضبة والتحدث إلى أحد الأطباء النفسيين.
قد يؤدي الإحباط في كثير من الأحيان إلى الاكتئاب، ولكن الفرق بين الإحباط والاكتئاب يتمثل في التأثير على مهام الحياة اليومية؛ حيث لا يعوق الإحباط أداء الفرد لمهامه اليومية وعمله، بالإضافة إلى أن حالة الإحباط التي تُصيب الفرد لا تستمر لفترة زمنية طويلة مثل الاكتئاب، فسرعان ما يعود الفرد إلى حياته الطبيعية خلال أيام.
يتمثل الفرق بين الاكتئاب والقلق في نوعية المشاعر والأسباب، حيثُ تُسيطر على المريض مشاعر الحزن في الاكتئاب بينما تُسيطر مشاعر الخوف في القلق، وغالبًا ينتج الاكتئاب عن مواقف محبطة للآمال بينما القلق ينتج عن مواقف خطرة، وعلى الرغم من ذلك يشترك الاكتئاب والقلق في آلية التغيير داخل خلايا المخ، حيث تلعب مستويات هرمون السيروتونين وهرمون الدوبامين و الإبينفرين دورًا كبيرًا فيها.
يتساءل البعض الكثير من التساؤلات مثل: “هل الاكتئاب مرض مزمن؟” و “هل يستمر الاكتئاب مدى الحياة؟ ” و “متى ينتهي الاكتئاب؟”، إن علاج الاكتئاب ليس مهمة صعبة على الإطلاق؛ فهو ليس مرض مزمن لأنه إذا تم علاجه لا يستمر، حيث يمكن علاجه تمامًا وينتهي بلا رجعة، ولكن يوجد بعض الصعوبات التي تواجه العلاج، ومن أشهرها وصمة الاكتئاب التي تدفع الكثير من المرضى لإخفاء المرض ومحاولة التغلب عليه بنفسهم دون التوجه لمراكز العلاج الفعالة مثل مركز دار الهضبة؛ وبالتالي لا يمكنهم التغلب عليه بهذه الطرق الخاطئة مثل: إدمان الكحول أو المخدرات أو العلاجات العشبية التي لا تفيد المريض بشيء، بينما في مراكز العلاج المتخصصة مثل مركز دار الهضبة يتم تشخيص المريض وتلقيه الرعاية الأولية ثم علاج الاكتئاب بالأدوية والعلاج النفسي والعلاج البديل كالآتي:
يستخدم أطباء الصحة النفسية في مركز دار الهضبة أدوية علاج الاكتئاب التي تعمل على تنظيم الحالة المزاجية للمريض وبالتالي تعديل الأفكار والسلوكيات المترتبة على هذه الحالة، وتستغرق هذه الأدوية عدة أسابيع لكي تقوم بتقليل أعراض الاكتئاب، ولكن ينبغي على المريض الاستمرار على هذه الأدوية حتى لا يحدث الانتكاس، بالإضافة إلى ذلك لا يمكن تناول أدوية علاج الاكتئاب بدون استشارة الطبيب لما لها من أضرار جسيمة، ومن أفضل مجموعات هذه الأدوية الآتي:
ولكن يجب التنويه والتنبيه أنه لا يمكن استخدام تلك الادوية إلا تحت اشراف الطبيب المختص لما تمثله تلك الادوية من اضرار لا يمكن توقعها.
يُعتبر العلاج النفسي من الأجزاء الاساسية أثناء علاج الاكتئاب، حيث يمكن تقليل أعراض الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط عن طريق استخدام العلاج النفسي وحده، ولكن في معظم الحالات يتم استخدام العلاج النفسي بالتزامن مع أدوية علاج الاكتئاب، ومن أشهر أشكال العلاج النفسي المستخدمة في علاج الاكتئاب العلاجات المعرفية التي تتحدى الأفكار السلبية التي تُصاحب مزاج المريض المكتئب، والعلاجات السلوكية التي تُساعد في تغيير نمط السلوك لدى المريض، والبحث في العلاقات بين المريض ومن حوله التي تؤثر على حالته المزاجية.
يُعتبر أحد العلاجات المتاحة في علاج الاكتئاب، ولكن عكس ما يعتقد البعض، فالعلاج باستخدام الصدمات الكهربائية ليس تعذيباً للمريض فهو عبارة عن تعرض المريض لتيار كهربائي من خلال استخدام أقطاب كهربائية تُوضع على رأس المريض الذي يتم تخديره مُسبقًا ولا يشعر بأي شئ، ويتم ذلك بمعدل ثلاث مرات كل أسبوع لفترة حوالي من أسبوعين إلى شهر، وقد أثبتت الدراسات أن علاج الاكتئاب باستخدام الصدمات الكهربية أكثر أمانًا من أدوية علاج الاكتئاب وذلك نظرًا لكثرة أضرار أدوية علاج الاكتئاب.
يتساهل الكثير في المجتمع مع مرض الاكتئاب حيث يسعى القليل فقط إلى علاج الاكتئاب، ولكن ماذا إذا استمر الاكتئاب بدون علاج، إن الاكتئاب يؤثر على المريض في كثير من نواحي الحياة؛ يُؤثر بشكل سلبي على حياته العملية وحياته الاجتماعية وعلى صحته بوجه عام، وقد يؤدي إلى الموت في بعض الحالات، وتتمثل مضاعفات الاكتئاب دون السعي وراء العلاج في الآتي:
يؤثر الاكتئاب على الحياة العملية؛ حيث يُصعب الاكتئاب من كيفية تعامل المريض مع الكثير من جوانب الحياة، وقد اشارت الاحصائيات إلى أنه تبلغ الخسارة في الإنتاجية الناجمة عن مرض الاكتئاب إلى 44 مليار دولار بشكل سنوي، ومع تلقي العمال للعلاج المناسب تزيد قدرتهم على العمل مع تحسن الحالة المزاجية.
يتساءل البعض “هل الاكتئاب يزيد الوزن؟” نعم، حيث يُوجد علاقة وثيقة بين مريض الاكتئاب والاكل، حيث يرتبط الإفراط في تناول الطعام، واختيار الأطعمة السيئة التي تزيد من الوزن بمرض الاكتئاب؛ ولذلك تبلغ نسبة السمنة في مصابين الاكتئاب حوالي 43٪ وذلك وفقًا لمنظمة السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
يُعتبر اضطراب النوم أحد أعراض الاكتئاب الرئيسية، فقد يعاني المريض من الأرق الشديد وقد يعاني من الإفراط في النوم؛ وينتج ذلك عن مصاحبة الاكتئاب للتعب الشديد وانخفاض في مستوى الطاقة؛ وبالتالي الشعور بأن النوم ليس كافياً؛ ولذلك ينام المريض لفترات زمنيه طويله تجعله يصاب بالأرق في الفترة التي تلي فترة النوم المفرط.
إن العلاقة بين مريض الاكتئاب والجنس علاقة معقدة، فقد يُسبب الاكتئاب أو بعض أدوية علاج الاكتئاب بعض المشاكل الجنسية المزعجة؛ حيث يعمل الاكتئاب على تقليل الدافع الجنسي لدى المريض وبالتالي التأثير على العلاقة الزوجية بالسلب، بالإضافة إلى ذلك أنه يعمل على تقليل الأداء الجنسي أو الرغبة الجنسية.
يتساءل الكثير حول ” هل الاكتئاب يسبب ألم في الجسم؟” و “هل الاكتئاب يسبب ألم القلب؟” وقد أثبتت الدراسات تأثير الاكتئاب على صحة المريض الجسدية، ومن أشهر هذه التأثيرات هي علاقة الاكتئاب بأمراض القلب، حيث أشارت الأبحاث إلى العلاقة بين تباطؤ تعافي مرضى القلب والأوعية الدموية وزيادة نسبة الوفاة لهؤلاء المرضى والإصابة بمرض الاكتئاب، وقد اتضح أن هذه العلاقة تكاملية حيث يتسبب القلق الناجم عن الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب في إصابة المريض بالاكتئاب، ويتسبب الاكتئاب والتغيرات المزاجية في زيادة نسبة حدوث هذه الأمراض.
يتساءل الكثير حول العلاقة بين الاكتئاب والموت وهل الاكتئاب يسبب الموت أًو هل الاكتئاب من علامات الموت، قد أصدر المعهد الوطني للصحة العقلية أن نسبة الوفيات من الانتحار نتيجة الاكتئاب وبعض الاضطرابات العقلية الأخرى وتعاطي المخدرات تصل إلى أكثر من 90%، ولكن نسبة الرجال تفوق نسبة النساء كثيرًا حيث تصل نسبة الرجال إلى حوالي 75٪، ويوجد بعض العوامل الخطيرة مع مريض الاكتئاب التي يجب عليك أخذها على محمل الجد مثل الآتي:
إن الاكتئاب مرض معقد وخطير؛ حيث قد ينتج عن أعراض الاكتئاب ومضاعفاته انتحار المريض؛ ولذلك يجب السعي وراء علاج الاكتئاب في مركز دار الهضبة الذي يُقدم رعاية طبية متكاملة تحت إشراف عدد كبير من أطباء الصحة النفسية، ويتم العلاج وفق أسس علمية متقدمة وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
إن الهدف من المحتوى الذي تقدمه مستشفى الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان هو إعادة البسمة والتفاؤل على وجوه من يعاني من أي اضطرابات نفسية أو وقعوا في فخ الإدمان ولم يجدوا الدعم والمساعدة من حولهم وهذا المحتوى الذي يقدمه فريق مستشفى الهضبة هو محتوى متميز وموثق ويحتوي على معلومات قائمة على البحث والاطلاع المستمر مما ينتج عنه معلومات موثقة وحقائق يتم مراجعتها عن طريق نخبة متميزة من أمهر أطبائنا المتخصصين. ولكن وجب التنويه أن تلك المعلومات لا تغني أبداً عن استشارة الأطباء المختصين سواء فيما يخص الطب النفسي أو علاج الإدمان، فلا يجب أن يعتمد القارئ على معلومات فقط مهما كانت موثقة دون الرجوع لأطبائنا المتخصصين أو الأخصائيين النفسيين المعتمدين وذلك لضمان تقديم التشخيص السليم و خطة العلاج المناسبة للمريض.
المراجع
What causes depression – Harvard Health
Types of Depression Chronic, Episodes, and More
Depression Diagnosis, Tests, & Treatments
Depression versus sadness How to tell the difference
Despair vs Depression – Knowing the difference! « Karrinyup Wellness Centre
Anxiety vs. Depression What’s the Difference
Depression Diagnosis, Tests, & Treatments
Depression in the Workplace What to Know
Are Obesity and Depression Related 10 Things to Know
Depression Complications Can Affect Many Facets of Your Life
What causes depression – Harvard Health
الكاتبة / د. هبة الشحات ابو زيد
(أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر
– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.
اقرأ أكثر